لماذا تراجعت نسبة الزواج في صنكرافة ؟ (تحليل)

يعبر الزواج في المفهوم الشرعي و المجتمعي عن حالة من البناء النفسي المطبوع بالسكينة و الاستقرار، و الانتقال من حال العزوبية و المسؤولية الشخصية إلى حال الأسرة المتكاملة ، التي تبني لنفسها مستقبلا مشتركا، و السير في عجاج الزمن يوطد أواصره فيض من الحب و الاحترام.

على أن الناس إذ تهتم  لهذا التحول في مسيرة حياة الفرد، إلا أن عددا قليلا من أولئك المهتمين استطاع العبور إلى عش الزوجية ، و الإنضمام إلى نادي المتزوجين.

يصف العزاب حالهم بالكارثي ، فهم رغم حرصهم على الانتقال إلى مرحلة البناء الأسري و الاستقرار النفسي إلا أن المجتمع بقيوده يحرمهم من تحقيق حلمهم.

في بلدية صنكرافة يلاحظ المتتبع لهذه الظاهرة انخفاضا كبيرا جدا في نسبة المقبلين على الزواج، رغم طوابير العزاب من كلا الجنسين، الذين يمنون النفس بأحلام قد لا تكون في المتناول القريب، لعل أولها الزواج.

لماذا تراجعت نسية الإقبال على الزواج في البلدية ؟ سؤال طرحته مدونة صنكرافة على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي، وشارك في الإجابة عدد من شباب البلدية نجملها في العناوين التالية.

غلاء المهور

أجمع كل المعلقين على أن السبب الأول لتراجع الزواج هو غلاء المهور، الذي يحتم على الشاب أن يكدّ لفترة طويلة حتى يحصل على المهر المطلوب، و الذي هو في الحقيقة غير محدد ، ويختلف من منطقة إلى أخرى ، فيبدأ في بعض المناطق ب 200ألف و لا حدود لأقصاه.

وفي بعض المناطق و المجموعات القبلية المحدودة يوجد ما يعرف محليا بالتطبيق وهو تحديد مبلغ معين للمهر، وعادة ما يحدث هذا التطبيق بعد اتفاق بين نساء القرى اللواتي –غالبا- ما يتحكمن في مصير مثل هذه الأمور.

يعتقد الشاب محمد سالم ولد الناجي أن "هنالك الكثير من  الشباب يريد الزواج لكن المجتمع بقيوده يحرمنا من ذلك، مضيفا أن   الشباب ميسور الحال ويريد أن يتمم دينه، لكن غلاء المهر يمنعه من ذلك ، هل تعلم سيدي أن تكاليف عرس عادي جدا لا تنقص عن 800 ألف أوقية ".

أما الشاب محمد محمود فيعتبر أن غلاء المهور هو العائق الأول الذي يقف في وجه الشباب ، فالمهر في البلدية مقارنة مع نظيراتها في الوطن وخاصة في مقطع الحجار ومال وأم القرى منخفض،  ففي أم القرى 40000 وفي مال 80000 وفي مقطع الحجار 100000 وأنا لا أعرف السبب الذي جعلنا نغالي في المهر انطلاقا من كون مجتمعنا مجتمع محافظ ....إضافة إلى ذالك توجد عوامل أخري منها قلة التميز ولانضباط.

أما الشباب عزيز ولد عيسى فيضيف : غلاء المهور هو العائق الكبير أمام الشباب الذين يستطيعون مناقشته افتراضيا ويصعب عليهم واقعيا..السبب خم !.


عادات المجتمع


يعتقد الكثير من المعلقين أن السبب الأول وراء تفشي العزوبية بين الشباب و عجزهم عن إكمال نصف دينهم هو عادات المجتمع التي وصفوها بالظالمة، و التي لا توافق الدين بقدر ما تصادف هوى في نفوس بعض الناس بناء على الأهواء لا غير.

يعتقد الأستاذ سيد المختار ولد الخليفة  أن " من العوامل غلاء المهور فعلا. ومنها أيضا عادات المجتمع والتي يطبعها التنافس والتفاخر حتى ولو كان اﻷغير مشﻻوع أصلا..ويكفي من شرعيته أن يفعله فلان أو علان.

أما الشاب إمام ولد عيسى فيعتقد أن  غلاء المهور ليس إلا الحلقة الأولى من مسلسل المشاكل الذي يعترض الشباب فهو بالإضافة إلى ما بعد الزواج: في الأعياد والمناسبات الاجتماعية والعادات الكثيرة التي لا تنظر بمنظور العقل والمنطق أحرى بالمنظور الاقتصادي وهذا يرجع إلى عقليات المجتمع الفاسدة ، لذى لا يهمه ضعف الدخل أو كثرة الديون ،وبهذا أصبح الكثير من الشباب يرى الزواج كابوس حياه امتطى الشيطان أهواء الناس حتى لم يستطع أحد الباءة وفضل الكثير العزوبة ولو شقت وانتظار فرج يرونه بعيدا، فلا يروا حتى الآن في الأفق من سيقف أمام الظاهرة سواء من الشباب أو الرجال أو النساء لأن الكل بين من يخاف من مصارعة عادات أصلها ثابت في المجتمع وفرعها في السماء أو من يعتبرها أمورا ضرورية ويتفاخر بها.

وعلى نفس المضمار، يرى الأستاذ بثانوية صنكرافة ماء العينين ولد المصباح أن أغلب مشاكل العزوف عن الزواج ترجع إلى عادات المجتمع التي لا ترحم وتساوى بين الفقير والغني فإذا استطاع الشاب تخطى غلاء المهر يأتيه تدخل الأهل وعادات لا يتحمل تكاليفها.

ونختم بتدوينة  للشاب عبد الباقي ولد بدّ التي جاء فيها : المشكلة ليست في تحديد المهر, هناك مشكلة أخري وهي التفاخر وحب الظهور, فإذا كان المهر مثلا 200000 أوقية أو مائة, فسيجمع شخص ما مبلغ طائل وقد يكون سلفة, ويرسله إلى أهل المرأة. وهو يعلم أن هذ المال سيعود إليه, ويأتي آخر بضعف المبلغ, والناس يتفرجون على ذلك وﻻ ينتقدونه, بل يشجعونه بقولهم أنه أمشعشع ومن لم يفعل فعله كأنه لم يتزوج أو ﻻ يحترم حقوق المرأة, فيصاب الشباب الذين لم يتزوجوا بخيبة أمل, وقد يهاجرون بحثاً عن المال هجرة بلا عودة وقد يسرقون. كل الاحتمالات مطروحة لديهم, مما قد يؤدي إلى ظهور أسر ضعيفة ومجتمع هش ليست لديه مبادئ واضحة.

ولأهل العروس مشاكلها

وحتى تكون الصورة مكتملة في جوانبها، فإنه من الضروري التذكير بمعاناة أهل العروس في الزواج، الذين يقع عليهم كاهل تجهيزها أو ما يسمى ب"الرحيل" ، وهو أمر يفرض على أهلها إنفاق الكثير من المال –قد يضاعف المهر في بعض الأحيان- لأجل تجهيز العروس بمتطلبات الحياة الكريمة.


ولا تتوقف المعاناة عند الرحيل، بل تتجاوزها عندما يقرر الزوج في لحظة اللاصفاء طلاق زوجته، لتعود إلى حضن أهلها كسيرة القلب ، وقد تكون تحمل معها أطفالا يتعين عليها تربيتهم و المحافظة عليهم.

أخيرا..

إن مشكلة العزوبية (عند الرجال) ، و العنوسة (عند الناس) تحتاج اليوم حلا جذريا للقضاء عليها أو التخفيف منها على الأقل، ومفاتيح الحل بيد كل فرد من المجتمع نساء ورجالا


شاركه على جوجل بلس

عن مدونة صنكرافة

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق