إيرا ندبة في جسم نحن أمرضناه

لست في حاجة للقول إن حركة أيرا التي ظهرت بخطاب رادكالي متشدد كمدافع قوي عن حقوق لحراطين ’’الأرقاء’’ السابقين حركة انتهازية تستغل معاناة شريحة مهضومة الحقوق حتى من قبل بعض أبناءها .

فالسيد بيرام و بعض رفاقه ظلوا حتى الأمس القريب جزء من منظومة الاستبداد التي تحكم البلد و توزع الظلم بعدالة منقطعة النظير بين أبناءه بكل شرائحهم و عرقياتهم ، فظهرت الحركة الوليدة كاستثمار شخصي استفاد من أخطاء نظام غبي كان كل تصرفاته اتجاهها تخدمها إعلاميا بما فيها اعتقال زعيمها و نائبه و الحكم عليهما سنتين نافذتين ، هذا فضلا عن استفادتها ماديا من خلال عناصرها المتواجدين في الغرب بحجة الهروب من جحيم العبودية ..

لكن مع ذلك أقول و بكل قوة أن شريحة لحراطين عانت من استعباد غير شرعي بالمرة عبر قرون من الزمن و السكوت عنه جريمة لا تقل خطورة عن ممارسته ، وحجة أننا لسنا من مارس العبودية و لسنا مطالبين بتحمل مسؤولية ما فعله أجدادنا حجة واهية إن قبلنا بها قبلنا رفض الغرب الإعتذار عن احتلال بلداننا وقتل و استعباد شعوبنا ونهب خيراتنا بحجة أن الأجيال الجديدة ليست هي من مارس الاحتلال و القتل و النهب ، إن العادلة كل لا يتجزء فلا يمكن أن نطالب بها في مكان و نتغاضى عنها في مكان آخر أو نطلبها لأنفسنا و نستكثر على الآخرين المطالبة بها .

نحن مطالبون بالاعتذار عما بدر من أجدادنا ـ رحمهم الله و عفى عنهم ـ و مطالبون بإظهار التعاطف و الاحساس بمعاناة هوؤلاء فمجرد تذكر تلك الممارسات تسبب عذابات للأحفاد تستحق الوقوف و التعاون من أجل تجاوزها و محو آثار و القضاء على ما تبقى من ممارسات استعبداد لا زالت تظهر بين الحين و الآخر ، فرغم نكران الدولة لوجود العبودنا و تماهينا معها في ذلك فإنه لا زالت هناك أسر بأكملها تحت نير العبودية ، كما أن أجيالا تمارس عليها العبودية النفسية و اللفظية و التمييزية .

إن سياسة النعامة بدس الرأس في التراب لتجاوز الأخطار لم تعد تجدي كوسيلة لحل المشاكل ، فإذا لم نقم بما يمليه علينا واجب الشرع و أخوة الدين والوطن من معالجة الامر من جذوره ستظل مسألة لحراطين جرحا غائرا يمنع هذا الوطن من النهوض والتقدم و ستظل قضية لحراطين مسوغا لظهور حركات و أفراد أكثر راديكالية و تشددا بحسن نية أو بغيرها ، فكلنا يعلم أن الحراك المطالب بحقوق لحراطين ليس وليد اليوم فحركة الحر حركة ضاربة في القدم و قدمت الكثير لهذه الشريحة رغم سقوط الكثير من قادتها في حبال إغراء الانظمة التي خبرت اقتناض عناصر التأثير في كل حركات التغيير

ولا زالت حركة نجدة العبيد ـ الأكثر اعتدالا ـ صامدة أمام الإغراءات ، و حركة إيرا أغلب الظن أنها صنيعية استخباراتية قبل أن تعلن العصيان تحت بريق الدولار واليورو الغربيين ..

سادتي ، إن أغنية المساواة بين شريحة لحراطين و البظان المشروخة صارت ممجوجة لأن الواقع الصارخ يكذبها ، ليست هناك مساواة بين آدوابة و القرى ، لا في أهتمام الدولة و لا في اهتما السلطات المحلية و لا في اهتمام القيادات العلمية و الروحية في المنطقة و لا في المعاملة اليومية في البيوت و عند الاسواق و مواقع التجمع العالم .

ثم إن الفقر و الجهل الذي تعيشه هذه الشريحة ليس قدرا اختيارا لها ، إنه نتيجة حتمية لقرون من الاستعباد و عقود من التهميش ، لا زالت العبودية حاضرة في تصرفاتنا اتجاههم و خطابنا لهم و معاملاتنا معهم ..

علينا أن نعلم أن زمن سكوت المظلوم عن الظلم قد ولى إلى غير رجعة و لم يعد أمامنا إلا أن نعمل بجد و إخلاص من أجل التخفيف من معاناة هذه الشريحة ، المسؤولية الاولى تقع على الدولة فيجب أن تتحرك في ما يسمى بالتمييز الايجابي ، ثم العلماء كل في مجاله الجغرافي ببث العلم الشرعي و تعليم ساكنة آدوابة القرآن و الشرع و تشجيع المتميزين منهم ، ثم الشباب المثقف الذي آن له أن يخرج عن النظرة النمطية للموضوع و يتوقف عن الإستجابة العاطفية لإرادة مجتمع لا زال يتفاخر بماضي الإستعباد و يعده من الأمجاد التي يتفاخربها ..

على الشباب أن يحمل لواء التغيير بالكتابة و بالنشاط الثقافي و التوعوي و بالعمل الاجتماعي الذي يساعد الشريحة على تجاوز المرحلة وطي صفحة التهميش و المعاناة فإذا لم نفعل كل ذلك فعلينا أن نتوقع ظهور حركات و أشخاص أكثر تطرفا بل لا قد الله قد نشهد عنفا على الأرض فقدرة الإنسان على تحمل الظلم محدودة و ما هو متاح اليوم من وسائل حل سلمي قد لا يظل كذلك حين يخرج الأمر عن السيطرة و ينفدذ الصبر

محمد فاضل أحمد بوها
شاركه على جوجل بلس

عن مدونة صنكرافة

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

1 التعليقات:

  1. شكرا لك لقد طرقت باب الوجع و من هنا يبدأ العلاج

    ردحذف