إشكالية الترحال السياسي ؟؟

دأب منتسبوا الأحزاب السياسية الموريتانية السبعون على الترحال والتنقل الدائم بين الأحزاب والأشخاص وكأنهم إنما ورثوا تلك الحياة من أسلافهم وأجدادهم الذين طالما تنقلوا وارتحلوا وانتجعوا في طلب الماء والمرعي طيلة قرون خلت ،  فلا تكاد تسمع عن تأسيس حزب قبل نومك إلا أوشك أن تسمع عن انسحاب جماعات منه عند استيقاظك.
ومن الأحزاب الكبيرة في موريتانيا والتي طالما شكلت قبلة للسياسيين والمنسحبين (حزب تواصل) ذي المرجعية الإسلامية حيث استقطب الحزب الكثير من المعارضين والناقمين على محمد ولد عبد العزيز وعلى الولاءات التقليدية التي طالما ظلت تفضل الاستقرار والطاعة على العصيان والبلبلة .
 في صيف 2013  أعلن حزب تواصل أنه سينظم مهرجانا كبيرا في مقاطعة مقطع لحجار وأنه سيتشرف بانضمام مجموعات وازنة وشخصيات كبيرة إلى حديقته الوارفة ليستمتعوا بالظل والراحة في ذلك الصيف الحار بعد ما سئموا الانتظار تحت شمس الحزب الحاكم الحارقة ,
بدأ المهرجان وحضره أغلب قادة تواصل كيف لا وقد رجع إليهم صديقهم القديم  مولاي ابراهيم  وانضمت معه شخصيات وازنة مثل داهي ولد ابراهيم وكان حينها النائب الرابع لعمدة صنقرافة وانضم معه رجل الأعمال أحمد بالمعالي ولد منان من القلعة التقليدية لحزب الفضيلة ، وأتذكر أنه في تلك  الأيام راجت شائعات مفادها أن مقطع لحجار أصبحت للمعارضة وأنه لم يبق للحزب الحاكم ولا الفضيلة فيها حظ ولا نصيب , 
أطل شهر نوفمبر بانتخاباته وحملاته ومنافساته القوية ولم يدخر هؤلاء المنضمون حديثا لحزب تواصل أي جهد في سبيل إنجاح حزبهم
وأتذكر – وكنت حينها – ممثلا لحزب الفضيلة في مكتب اكرج كثرة تردد المرشح داهي ولد ابراهيم على مكتب آكرج وجلوسه هو شخصيا بدل ممثله الذي طردته اللجنة المستقلة للانتخابات حينها وجلس بجنبي قائلا إن صوتا واحدا من مدينة آكرج أجب إلي من مائة من غيرها في كلمة تحمل الكثير من الدلالات , واستمات القوم في سبيل إنجاح حزب تواصل بخيلهم ورجلهم لكن أموال الحزب الحاكم كانت أقوى من أي معترض .
بعد الانتخابات البرلمانية واكتساح الحزب الحاكم لجميع البلديات بدا جليا أن حساباتهم لم تكن دقيقة وأن حزب تواصل في مقطع لحجار وخاصة صنقرافة لم يعد له بريق يستهوى الناظر ولا قوة تخدع الآمل لأن القضية ليست في الإعلام وحده وإنما لا بد من امتدادات شعبية وجذور قوية كما للحزب الحاكم وحزب الفضيلة , حينها بدأ القوم التفكير على عجل لأن الوقت يمر بسرعة والانتخابات الرئاسية على الأبواب فقرروا الانسحاب بعد سنة واحدة من الانضمام إلى تواصل العودة إلى حظيرة الحزب الحاكم بعد مشاورات مع قادته في المقاطعة لتطوي بذلك صفحة من تاريخ  داهي ولد ابراهيم وأحمد بالمعالي مع حزب تواصل وهي تجربة وإن كانت قصيرة إلا أنهم لا بد أن يكونوا اطلعوا فيها على الحزب وعرفوا مكامن قوته وضعفه وخياراته التي يبدو أنهم وجدوها محدودة وإلا لما انسحبوا عنه.
                                     شيخنا ولد محمد المصطفى
                                     كاتب مقيم بقطر
                                           
شاركه على جوجل بلس

عن مدونة صنكرافة

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق