العلامة الشيخ محمد الحسن ولد تمليخ..مسيرة علم و إصلاح (الحلقة الأولى)

في إطلالتنا هذه من أعلام البلدية سنتناول معكم في حلقتين اثنتين حياة جبل شامخ من جبال آفطوط العلمية ورجل فذ من رجالات البلدية،جمع بين العلم والطب فكان لايضاهى  فيهما، كان لا يخاف في الله لومة لائم وقافا مع الحق محبا للخير  كارها للظلم.

كلمات الاطراء تبقى عاجزة عن الوفاء بحقه إنه العلامة الشيخ محمد الحسن بن تمليخ.

المعلومات الواردة في التقرير استقيناها من رسالة تخرج الطالب خليل ولد تمليخ من المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية لسنة 2014.

 فإلى الحلقة الأولى:

حياته الشخصية: (اسمه، نسبه، ميلاده،نشأته):

اسمه ونسبه:

نذكر في هذا الصدد ما ذكر عنه ابن عمه الدكتور ناجي محمد الامام مقدما عنه حيث قال: >> من أصعب ما يواجهه الباحث والكاتب عموما تناول ذويه بالتقديم أو التقويم أو الاستشهاد بعلومهم أو ذكر مآثرهم لأنه في كل الأحوال معرض لإحدى حالات ثلاث.

 أولها: ذكر ما يعلم بدون قيود صادقا غير متحفظ وتلك مدعاة للإتهام بالانجراف العاطفي وعدم الموضوعية.

 ثانيتها: أن يتحفظ ويوقظ الرقيب الداخلي في وعيه ويمارس الرقابة المفرطة التي تؤدي إلى كتمان بعض الحقائق وبتر بعض الوقائع وهنا مكمن الخطر على الأمانة العلمية وثالثتهما: أن يترك القلم للضمير اليقظ الحر الأمين يمارس فعله على الورق الصقيل مبلغا ما يعلم من يعلم متوخيا الغاية القصوى  من قول الحق ألا وهي رضى الحق تعالى من هذه الحالة الثالثة وتأسيسا عليها قررت أن لا أتحفظ في كتابة تقديم عن مؤلف كتاب سنن المهتدين وهو والدي وشيخي الشيخ محمد الحسن بن الشيخ محمد عبد الرحمن بن محمد محمود بن أحمد الملقب تمليخ بن سيدي عبد الرحمن بن سيدي عيسى فال بن محم بن المختار بن أبي بكر الصديق بن يوسف الأكبر بن الفقيه "وتنطق أشفغ"  همول بن التقي "الآقاط" بن القاضي محم النقاض الجد الجامع لقبيلة "تاكاط" التي ينتهي نسبها إلى الصحابي الجليل سماك بن أوس المعروف بأبي دجانة الأنصاري من أرومة بني ساعدة الخزرجية.

كان المؤلف رضي الله عنه إماما في علوم القرآن الكريم وكفى بها علما كما كان فقيها متضلعا يفتي في مذاهب السنة دون الحاجة للرجوع إلى أي كتاب كما كان حجة في علوم العربية لغة ونحوا وصرفا ومنطقا وبيانا كما كان سيدا من سادات القوم في مجال التصوف وعلومه وأحواله وبدر من بدوره المجلين في مجاله ولعل شأو تميزه الأميز الذي هو من موروثات بيته كابرا هو سر الحرف وعلوم الأوفاق بما لا يضاهي ولا يباهي مما يوافق شرع الله تعالى ولقد رأيت منه ما لا تحدث به العامة وكان أصحابه وأصفياؤه يحدثون عنه بالكرامات الباهرة وتظل شهادات عين من فرائد الزمن هو المرحوم الشيخ الشاعر الأستاذ سليل بيوت الشعر والعلم والتصوف وفتى المحافل والوقار والتعفف الشيخ محمد الكبير العلوي نموذجا فريدا لاعتراف أهل الفضل لذويه به وكان يحدثنا به ليلة من ليالي الفضلاء بمنزله في مدينة سلا بالمغرب ذات إفطار في العشر الأواخر من رمضان الأبرك سنة 1990 على شرف العلامة الجليل سيدي محمد سالم بن عدود وبحضور بن حرمة الله العضو الصحراوي السابق في مجلس النواب الموريتاني  أيام الوحدة والنائب لا حقا في البرلمان المغربي وعندما يتبلغ مشارف يجمل عنها الصمت كان العلوي يقول هذا الذي رأيته بأم عيني أو يقول هذا ما حدث معي شخصيا.

أما عن جوانبه الانسانية فقد كان شجاعا مقداما قوي الحجة حاضر البديهة بليغ العبارة سخي الكف حسن الخط جيد السبك قائما بالأسحار لا يخشى في الله لومة لائم هذا ما يستطيع مثلي أن يقول عن مثله رحمه الله تعالى ونفع المسلمين بما ترك من وافر العلم وطيب الذكر.<<

ميلاده ونشأته:

ولد الشيخ محمد الحسن بن تمليخ سنة  1922 ميلادية  بالقرب من عاصمة بلدية صنكرافة "مدينة صنكرافة" بولاية لبراكنه، وكان لولادته وقع خاص على نفوس والديه لأنه الابن الأول ولما امتاز به من ذكاء في صغره.

أما عن نشأته   فقد نشأ الشيخ محمد الحسن وترعرع في أحضان والديه وتلقى تعليمه الابتدائي منهما كما هو الحال في مجتمعه قبل أن ينتقل طلبا للعلم حيث أن والده كان شخصية علمية نادرة ونابغة معروفا أما والدته فلم تلبث بعد ولادته كثيرا حيث لبت داعي ربها وهي حسناء بنت الحاج أحمد عليها رحمة الله فقد كانت امرأة طيبة عارفة مشهود لها بالصلاح والورع وهي من بطن "إيدنب" وأسرتها معروفة بالعلم والصلاح يشهد حاضرها على ماضيها بذلك كان الشيخ ذكيا سريع الحفظ شديد الفهم حفظ الكثير من المتون قبل بلوغه.


حياته العلمية:

طلبه للعلم وتدريسه:

لقد بدأ الشيخ محمد الحسن رحمه الله تعليمه على عمه محمد الامام ثم خاله محمد يحي رحمهما الله تعالى لينتقل بعد ذلك إلى منطقة اركيبه بولاية لعصابة خصوصا محظرة أهل سيدي يحي لما تشتهر به  المنطقة عموما من تمكن في هذا الفن حيث أخذ السند بروايتي ورش وقالون عن الإمام نافع على شيخها الشيخ محمد المصطفى بن سيدي يحي وهو إمام من أهل هذا الفن وقد برع الشيخ في هذا الفن براعة شديدة عرف بها بين تلامذة المحظرة حيث أنه كان يوتر بالقرآن في ليلة واحدة، وختماته لكتاب الله لا تنتهي إلا لتستأنف من جديد عرف بذلك حتى في شيخوخته وهو في الثمانين من عمره.

ثم انتقل بعد ذلك على محظرة خريجي كبار العلماء وهي محظرة أواه بن الطالب ابراهيم وبها درس متن الأخضري وابن عاشر ورسالة ابن أبي زيد القيرواني نظما ونثرا ثم مختصر خليل كان جامعا بين المختصر وشراحه ثم مراقي السعود  وألفية ابن مالك وعلم البيان كما طالع منهج الزقاق ودرس تكميل ميارة وأما السيرة فكان سيريا بامتياز بغزواتها وسراياها وإماما بالأنساب  عامة.

وقد تعلقت همة الشيخ محمد الحسن العاصمية بإنشاء مكتبة زاخرة غنية بنفائس الكتب فكان له ما أراد بفضل ربه وقد اشتغل رحمه الله في آخر حياته بالمطالعة والتأليف حيث كان يقضي جل يومه بين رفوف مكتبته المكتظة بشتى المصنفات وفي كل الفنون من تفسير وحديث وعلومه ولغة وتصوف وتاريخ وفلك وحساب، حيث لم يبق باب من العلم إلا وطرقه هذا فضلا عما يقضيه لطلبة العلم والردود على النوازل التي ترده بكثرة واستشارة قضاة شرع الله له في معضلات الفقه وشوارده كما أنه يخصص وقتا آخر لأولئك الذين يأتونه في الحاجات الدنيوية.

لما ارتوى الشيخ من رحيق العلوم الظاهرة تاقت نفسه بهمة عاصمية إلى طريق القوم فأخذ عن عدة أشخاص نذكر منهم الشيخ أحمد أبي المعالي بن الشيخ الحضرمي والشيخ سيدي المختار بن عبد الجليل التندغي ولم يقع فطامه إلا على يد الشيخ الأكبر والكبريت الأحمر خاتمة المحققين وحجة العارفين وقبلة السالكين الشيخ الحاج ابراهيم بن الحاج عبد الله التجاني أخذ على يده الطريقة التيجانية وتربى عليه إلى أن قدمه. وقد ترجم عنه محمد بن الشيخ عبد الله في كتابه "رجال وأدوار في ظل صاحب الفيضة التيجانية".

أما تدريسه فيمكن إجماله في مرحلتين:

مرحلة تدريسه بقبيلة انتابه ثم محظرته   بصنكرافه.

أ‌-         تدريسه بقبيلة انتابه:
بعد أن أعددت العدة للسفر إلى حيث الموقع الذي كان يدرس به حصلت على عنوان لأحد تلامذته وهو محمد ماء العينين بن أحمدو رئيس مصلحة البرمجة بوزارة الثقافة فكفاني مؤونة ذلك استقبلني ذكره الله بخير بطلاقة وجه وكان رجلا جيد السبك دقيق السرد وكانت مقابلتي معه ضحوة يوم الاثنين 20-05-2014 فقال بعد أن سرد الكثير من الثناء عليه،متحدثا عن هذه المرحلة قدم إلينا الشيخ محمد الحسن بداية 1967م وأقام معنا حتى 1972م بموضع يسمى "انتيماتن" وهو قريب من كرمسين الآن بولاية اترارزة وبه تقطن قبيلة انتابه "الكحل" وقال لي متحدثا عن نفسه درست القرآن عليه ورسم الطالب عبد الله وهو أول من أدخله إلينا بحيث أنه لم يكن عندنا إلا الحفظ فقط ثم حملة المسومي ومتن الأخضري وابن عاشر ومختصر خليل ورافقته مرتين في السفر كان الشيخ إمام المسجد وشيخ المحظرة وعليه درس خلق كثير رجالا ونساء وممن تخرجوا عليه أذكر لا للحصر:
- محمد ماء العينين بن أحمدو.
- دده منت أحمد الامام (شيخة محظرة)
- الخراش بن البار
- محمدن بن أحمدو بن السالك رحمه الله
- محمد بابه بن محمد سالم رحمه الله
- الحسن بن دداه بن المامي
- الولي بن محمد المامي
-  أحمدو بن سيدين
- الخراش بن محمدو
وكان له  طيب الله ثراه حسب شهادة محمد ماء العينين منحى آخر في نفوس الناس لأنه يداوي مرضاهم وهو موفق في ذلك كان يستأصل الأمراض السرطانية ويداوي أنواع الحمى والمفاصل وأمراض البطن وأمراضا أخرى حتى أمراض الحيوانات.

ب‌-       تدريسه بصنكرافة:
ظل الشيخ قبلة لطلبة العلم والمستفتين وعن تدريسه بمحظرته بصنكرافه نستمع لشهادة شاهد من أهلها وهو فضيلة الشيخ الشيخ باي بن محمد الهيبه وهو مدرس وداعية إسلامي وإمام زاوية الشيخ ابراهيم بالمدينة الثالثة بانواكشوط والمدير العام للمدرسة الكبرى لحفظ القرآن وعلومه والعلوم الشرعية خصني هو الآخر دام ذكره خيرا بلقاء بكرة يوم الثلاثاء 21- 05-2014 بمنزله قرب الزاوية المذكورة وهذا نص ما كتب لي عن هذه المحظرة وعن شيخها:
 >> الحمد لله والعبد لله والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد/: فإن الحديث عن شيخي وأستاذي ووالدي الشيخ محمد الحسن بن تمليخ حديث ذو شجون حيث أني صحبت هذا الشيخ لمدة  30 عاما أو أكثر ثلاثة أعوام منها مساكنة أدرس عليه وأرافقه حلا وترحالا والحمد لله خبرت هذا الشيخ وكنت أرى فيه  الأب الحنون  والشيخ العالم العامل والعابد الناسك المتبتل المنفق في سبيل الله ولضيق الوقت الذي لا يبقي واقتداء بقول القائل:"ما لا يدرك كله لا يترك بعضه" ولهذا الشيخ أذكر كرامات شاهدتها بأم عيني والله على ما نقول وكيل وشهيد.

الأولى أنه قدم من سفر ذات ليلة وكانت تلك الليلة موافقة لليلة السابع والعشرين من رمضان الأبرك فقام للصلاة وصلى العشاء ثم قام وصلى بالقرآن كله وأنا من ورائه مقتديا.

الثانية أني سكنت عنده ثلاثة أعوام وكان يوقظنا للدراسة قبل الساعة الرابعة ليلا وتجده عل سجادته يذكر الله ويظهر لك من حاله أنه استيقظ قبل ذلك بوقت طويل، تستوي في ذلك كل لياليه والطبيعي أن الانسان يستيقظ آخر الليل أو مع صلاة الصبح.

الثالثة مع تبحر هذا الشيخ في العلوم والأسرار الربانية كان طبيبا ماهرا ما قط أتاه مريض إلا ورجع صحيحا كأنما نشط من عقال ويرجع الشيخ ذلك كونه صافحت يده يد النبي صلى الله عليه وسلم في المنام،فكان كلما وضع يده على مريض يشفى بإذن الله  وببركة تلك المصافحة وهذا غيض من فيض ونزر من بحر عن هذا الشيخ.<<

ومن تلامذة الشيخ عموما نذكر لا للحصر:
- الشيخ عبد الدائم بن عيسى فال (خليفته الآن)
- القاضي الدين بن محمد الأمين وهو قاض لدى المحكمة العليا سابقا ويعمل في القضاء بالامارات العربية المتحدة.
-  الشيخ باي بن محمد الهيبه مدرس وإمام مسجد وشيخ زاوية.
- أحمد بن سيدي ابراهيم وجيه اجتماعي بقبيلة أولاد أبيري
- اللولي بن عبد الفتاح رجل أعمال
- ماء العينين بن أحمدو رئيس مصلحة البرمجة والمتابعة بوزارة الثقافة.

يتواصل بحول الله..


شاركه على جوجل بلس

عن مدونة صنكرافة

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق